كاسانو قلب إيطاليا النابض

في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي ولدى وصوله مع زملائه في فريق اي سي ميلان إلى مطار ميلانو بعد الفوز على روما ضمن منافسات الدوري المحلي، تعرض المهاجم الدولي أنطونيو كاسانو الذي يستعد بعد ساعات لخوض نهائي كأس أمم أوروبا 2012 لوعكة صحية نقل على اثرها إلى المستشفى تبيّن بعدها أن الشاب البالغ من العمر 29 عاماً تعرّض لجلطة دماغية !

وعانى مهاجم ريال مدريد الإسباني سابقاً صعوبة في النطق والحركة ولم يملك خياراً سوى الخضوع لعملية جراحية بعد أن أظهرت الفحوصات التي أجريت له أنه يعاني من عيب خلقي في القلب يؤثر على تدفق الدم، فخضع لعملية ناجحة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر وبقي تحت الملاحظة لمدة ستة أشهر ابتعد فيها عن الملاعب.

وفي شهر آذار/مارس شارك كاسانو الذي أظهر تحسناً كبيراً في التمارين الجماعية لفريقه ميلان، قبل أن يمنح الأطباء المشرفون على معالجته الضوء الأخضر له لمعاودة اللعب ليشارك اللاعب في السابع من نيسان/أبريل في مباراة فريقه أمام فيورنتينا في المرحلة الحادية والثلاثين من الدوري.

ولم يخف كاسانو لوسائل الإعلام ما شعر به قبل معاودة اللعب: "كنت خائفاً من الموت..حتى إنني فكرت مرةً في الاعتزال"، وأضاف: "يجب أن اختبر لياقتي البدنية وفي حال عودتي وكانت عروضي جيدة سيكون الأمر رائعاً وإذا رأيت أنني لست كذلك، سأقول شكراً للجميع وأعود إلى منزلي، أُريد أن تبقى ذكرى كاسانو جميلة، و لا أريد الشفقة".

وقَلَب كاسانو الطاولة على المشككين في قدرته على الدفاع عن ألوان إيطاليا في يورو 2012 فشد المهاجم رحاله مع الـ" أتزوري" إلى البطولة حيث تألّق وكان مصدر الخطورة الدائم منذ المباراة الأولى امام إسبانيا (1-1) قبل أن ينجح في تسجيل هدف في مرمى أيرلندا (2-صفر) وصناعة هدف لبالوتيلي في نصف النهائي أمام ألمانيا (2-1).

تألّق كاسانو دفع بالجميع إلى امتداحه فقال عنه المدرب تشيزاري برانديلي: "لست متفاجئاً فهو يملك عزيمة استثنائية وعمل بجهد كبير ولست أدري ما إذا كانت الأزمة الصحية التي تعرّض لها قد جعلته أقوى".

أما منافسه في النهائي هذا المساء المدافع الإسباني سيرجيو راموس زميله السابق في ريال مدريد فقال: " يجب أن نعمل خلال المباراة على عزله. هو يلعب جيداً كما لو أنه يشارك في التمارين".

من جهته قال الحارس الإسباني إيكار كاسياس زميله السابق في ريال أيضاً: "إذا كان هنالك من شيء سيشعرنا بالقلق في المباراة فسيكون كسانو"، مضيفاً: "إنه يقوم بأشياء مذهلة في الآونة الأخيرة على عكس ما كان يفعله عندما كان لاعباً في ريال مدريد".

وبعيداً عن جو المنافسة، فإن زملاء كاسانو السابقين في الريال أمثال كاسياس وراموس أو حتى الذين لم يزاملوه مثل ألونسو وأربيلوا كانوا من أول الذين أبدوا تعاطفاً كبيراً معه في محنته عندما لبسوا قمصاناً كتب عليها عبارات الدعم للاعب الموهوب قبل إحدى مباريات الدوري الإسباني إبان وعكته الصحية.

ولا شك في أن الأنظار ستكون مسلّطة مساء اليوم على كاسانو (34 مباراة دولية و10 أهداف) الذي يأمل في معانقة الكأس التي غابت عن الخزائن الإيطالية منذ العام 1968 وهو وحده يعلم غلاوة الفوز ويعلم في الوقت ذاته أن البطل ليس فقط من يحقق الألقاب بل من يملك العزيمة ويتغلّب على ذاته لقهر الظروف الصعبة، فقصة هذا الشاب الذي غلب الموت وعاد بقلب ينبض أكثر بالحياة هي خير دليل على ذلك.